الفصل التمهيدي: الأحكام العامة للميراث
أولا: أركان الميراث:
للميراث ثلاثة أركان وهي:
1) المورث: وهو الشخص المتوفى حقيقة أو حكما بوفاته وهذا ما بينته المادة 127 من قانون الأسرة الجزائري بنصها:" يستحق الإرث بموت المورث حقيقة أو باعتباره ميتاً بحكم القاضي."
وتنص المادة 144 من نفس القانون:" يصدر الحكم بفقدان أو موت المفقود بناءً على طلب أحد الورثة أو من له مصلحة أو النيابة العامة".
2) الوارث: وهو الشخص الحي ذكرا أو أنثى أو حملا والمستحق لنصيب معين من هذه التركة لسبب من أسباب الميراث وهو ما نصت عليه المادة 128 من قانون الأسرة:" يشترط لاستحقاق الإرث أن يكون الوارث حيًا أو حملا وقت افتتاح التركة مع ثبوت سبب الإرث وعدم وجود مانع من الإرث".
3) الموروث: ويسمى إرثًا وتراثا وميراثًا وتركة وكلها أسماء للشيء الذي يتركه الميت لورثته سواء كانت هذه التركة أموالا منقولة أو عقارات أو غيرها، ونجد أن المشرع الجزائري لم يعرف التركة.
ثانيا: أسباب الميراث:
1- القرابة: بمعنى النسب الرابط بين المورث والورثة وورثة المورث عن طريق القرابة هم: الفروع والأصول وفروع الأصول.
2- الزواج: وهو عقد الزواج الصحيح، القائم بين الزوجين الذي يمكن الحي منهما من ميراث الميت.
3- الولاء: ويسمى القرابة الحكمية أو العصبية المسببة فبمقتضي الولاء، يرث السيد (المعتِق) العبد (المُعتَق) إذا مات عن تركة بلا وارث قريب مكافأة له على تحريره إياه والإحسان إليه.
وقد نص قانون الأسرة على أسباب الإرث في المادة 126:" أسباب الإرث: القرابة والزوجية"، ولم يذكر الولاء كسبب لانتقال الميراث، لانتفاء مقتضاه.
ثالثا: شروط الميراث:
للإرث شروط ثلاثة وهي:
1. تحقيق موت المورث: والموت يتخذ أحد الصور الثلاثة:
الموت الحقيقي: وهو الموت الثابت بالمشاهدة أو البينة.
الموت الحكمي: يكون نتيجة حكم قضائي لشخص مفقود فلا تعلم حياته أو وفاته.
الموت التقديري: يكون حال انفصال الجنين عن أمه ميتا ولا يرث شيئا.
2. تحقيق حياة الوارث: تكون إما حقيقة أو حكما، فالحياة الحقيقية تثبت بالمشاهدة أو البينة والحياة الحكمية كانفصال الحمل عن أمه حيًا في المدة المقررة شرعًا.
3. العلم بالدرجة التي اجتمع فيها، وصور العلماء هذه المسألة فيما إذا دخل على المفتي أربعة رجال لا يعرفهم وقالوا نحن الثلاثة إخوة وهذا الرابع ابن عم الميت ولم تقم بينة على الشقيق وبقي الشك والمال حينئذ لا شك فيه انه لابن العم الذي في المرتبة من الهالك.
رابعا: موانع الميراث:
يمكن حصر موانع الإرث في القانون الجزائري فيما يلي:
1- قتل المورث عمدا وعدوانا.
2- اللعان.
3- الردّة.
4- اختلاف الدين.
1- قتل المورث عمدا وعدوانًا: فلقد اتفق جمهور الفقهاء على أن القتل من موانع الإرث لقوله :" لا يرث القاتل "، والحكمة في ذلك أن القاتل يتسبب في إزهاق روح مورثه يكون وكأنه يستعجل حصوله على ميراثه منه ومن استعجل شيئا قبل أوانه عوقب بحرمانه معاملة له بنقيض قصده، وقد اختلف العلماء في القتل المانع من الميراث:
- ذهب الحنفية إلى أن القتل الذي يمنع من الميراث هو قتل يستوجب القصاص أو الكفارة.
- ويرى الحنابلة بأن القتل المانع من الميراث هو القتل الذي يستوجب عقوبته القصاص أو الدية أو كفارة وهو القتل العمد والقتل الخطأ.
- و ذهب المالكية إلى أن القتل يمنع مطلقا من الإرث سواء كان عمدًا أو خطأ سواء كان بطريقة مباشرة أو التسبب أو سواءً كان القتل بحق أو بغير حق.
- وذهب المالكية إلى أن القتل المانع من الإرث هو القتل عمدًا وعدوانا سواءً كان القاتل أصيلا أو شريكا أو شاهد زور أدت شهادته إلى الحكم بالإعدام على المورث ونفذ الحكم فعلا.
وقد أخذ القانون الجزائري برأي المالكية فقد نص في المادة 135 من قانون الأسرة بأنه يمنع من الميراث الأشخاص التالية أوصافهم:
1. قاتل المورث عمدًا أو عدوانا سواء كان القاتل فاعلا أصيلا أو شريكا.
2. شاهد الزور الذي أدت شهادته إلى الحكم بالإعدام وتنفيذه.
3. العالم بالقتل أو تدبيره إذا لم يخبر السلطات المعنية.
2- اللعان: إذا اتهم الزوج زوجته بالزنا وعجز عن إثبات ذلك أو نفي ولده منها ولا ينسبه إليه، فلا بدّ من اللعان لنفي الولد المادة 41 من قانون الأسرة نصها:" ولم ينفه بالطرق المشروعة".
فإذا تم اللعان بينهما طبقًا لأحكام الفقه الإسلامي فرّق القاضي بينهما ونفي نسب ولده منه فلا يرث الولد من الزوج وإنما يرث أمه لأن نسبه منها ثابت باعترافها وهذا باتفاق العلماء، واللعان بين الزوجين مانع من موانع الميراث لانتفاء الزوجية وهو ما ذهب إليه القانون الجزائري في المادة 38 من قانون الأسرة ونصها:" يمنع من الإرث اللعان"، لأن فرقة اللعان فرقة مؤبدة ونهائية عند جمهور الفقهاء لقوله :" المتلاعنان لا يجتمعان أبدًا".
3- الردّة: لغة معناه الرجوع أما اصطلاحا هو الرجوع عن الإسلام.
والراجع عن الإسلام مرتد ويسمى كذلك سواء اعتنق دينا آخر أو ارتد إلى غير دين وقد اتفق الفقهاء على أنّ المرتـّد لا يرث من غيره مطلقًا" لأن الميراث نعمة فيحرم منها بسبب جنايته عن الإسلام"، أما توريث الغير من ميراث المرتـّد فهو محل خلاف:
فذهب الرأي الأول إلى أن ميراثه لا يورث من الغير مطلقا بل مآله بيت المال ويكون فيئا لجميع المسلمين وبهذا قال الأئمة مالك والشافعي واحمد في الصحيح المشهور.
وذهب الرأي الثاني إلى أن ميراثه ينتقل إلى ورثة المسلمين وبهذا قال أبو حنيفة وأبو يوسف.
4- اختلاف الدين: اختلاف الدين بين الوارث والمورث يمنع من انتقال الميراث لقوله :" لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم".
ولقد جمع أهل العلم على أن غير المسلم لا يرث مسلما أما ميراث المسلم من غير المسلم ففيه خلاف، إذ يرى جمهور الصحابة والفقهاء عدم جواز ذلك لعموم الأحاديث المانعة.
بينما يروى عن معاذ بن جبل ومعاوية وكذا علي ابن الحسين وسعيد بن المسيب والشعبي أنهم ورّثوا المسلم من الكافر.
وسجل هنا إغفال المشرع الجزائري لهذا المانع في قانون الأسرة، إلا أن المادة 222 منه تشفع فيه حيث تنص على أن:" كل ما لم يرد النص عليه في هذا القانون يرجع فيه إلى أحكام الشريعة الإسلامية ".