ازمة تويوتا في أمريكا بين دواعي السلامة ونظرية المؤامرة
قد تكون نظرية المؤامرة هى التى تسيطر على غالبية المتابعين لسوق السيارات في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد تكون نظرية الأمن والسلامة والشفافية التى تنتهجها السيارات الأسيوية فى الإعلان عن العيوب فى السيارات المنتجة توافقت مع معطيات نظرية المؤامرة تلك التى أدت إلى الإطاحة بجميع المنافسين لسيارات جنرال موتورز الأمريكية المنتج الأول للسيارات فى العالم حتى 2007.
وما أن حل العام 2008 حتى أعلنت شركة تويوتا بكل جرأة أنها هى المنتج الأول للسيارات فى العالم وياليتها ما أعلنت بعد أن تمكنت من غزو السوق الأمريكى منذ أكثر من 50 عاما !! .تعالو نناقش الأمر بكل بساطة وهدوء.
عندما إشتدت الأزمة العالمية فى أواخر عام 2008 كانت الولايات المتحدة الأمريكية هى الأكثر تأثرا بهذه الأزمة وتحديدا أحد أركان الصناعة الأمريكية "جنرال موتورز" التي تلخصت أزمتها فى" زيادة المنتج عن حاجة الأسواق" وتراكمت السيارات فى مخازنها سواء كانت داخليا فى أمريكا أو خارجيا وتدخلت حكومة الرئيس أوباما التي أعلنت أنها لن تتخلى عن "جنرال موتورز" فهى الرمز الأمريكى وأنها سوف تنقذها من الإفلاس والإنهيار بالتدخل الحاسم وتغيير الإدارة الخاصة بقيادة الشركة من ريك واجنر إلى هندرسون ذلك الرجل الذى تحمل أحلك اللحظات في قيادة شركة عالمية بحجم جنرال موتورز.
وكان نتاج ذلك إغلاق خطوط الإنتاج والمصانع والتخلى عن أربع طرازات من "جنرال موتورز" لها سمعه تاريخية فى عالم السيارات فى العالم، في حين لم تعاني السيارات الأسيوية مثلما عانت جنرال موتورز الأمريكية اللتي تخلت عن إمبراطوريتها لتحافظ على بعض الإمارات فقط !!.
وقامت الحكومة الامريكية بالتدخل لانقاذ الشركة عن طريق دعمها بنحو 30 مليار دولار أمريكى على أن تقوم الشركة العالمية برد هذا المبلغ فى موعد زمنى محدد فكان لابد من أن تقوم الشركة بإعادة هيكلتها وأيضا خططها.
ويؤكد مشجعو تطبيق نظرية المؤامرة بأن الحكومة الأمريكية لا يمكن أن تترك جنرال موتورز فى الساحة بمفردها ولابد من أن تساعدها سواء كان ذلك بالدعم المالى مثلما فعلت، أو عن طريق إزاحة أقرب المنافسين لها لإتاحة الفرصة للبيع فكانت سيارات تويوتا وهوندا وهيونداى وسوزوكى هى أولى أهداف أمريكا، خاصة وأن تويوتا تفوقت داخل السوق الأمريكى فى المبيعات.
وبدأ السيناريو فلدى الولايات المتحدة الأمريكية مواصفات خاصة لابد إتباعها، خاصة وأن لديها أهم وأكبر هيئة عالمية لإختبارات السيارات وإعطائها درجات (نجوم ) خاصة بالسلامة والبيئة.
وجاءت الطامة الكبرى لتويوتا بإكتشاف دواسات البنزين التى لم ترتد عند الضغط عليها بسبب عيب في تصنيعه، وهذا العيب تزامن حدوثه مع الطقس السىء ومع السيارات التى يتم تسويقها فى الولايات المتحدة الأمريكية التى تستخدم دواسات بنزين ويتم إنتاجها فى مصانع أمريكية، فأضطرت الشركة اليابانية لسحب نحو 8 ملايين ونصف المليون سيارة وبدأت سوداوية الموقف تتضح وتظهر جليا.ازمة تويوتا أمريكا دواعي السلامة
وصعدت هيئة السلامة فى أمريكا موقفها بإلزام تويوتا بسحب سياراتها والترويج لقرارتها إعلاميا.
ودارت وسائل الإعلام الأمريكية فى إتجاة المصالح الأمريكية، وبدأت تويوتا العالمية فى الإعلان عن أن لديها مشكلة تستغرق إصلاحها نحو النصف ساعة وأن مصداقيتها تحتم عليها هذا الإعلان.
وفى بادىء الأمر بدا الموقف طبيعى .. فالعالم إعتاد على ما يطلق عليه (ريكول)، وإستمر التصعيد تجاة تويوتا تحديدا وأصر الكونجرس الأمريكى على حضور رئيس تويوتا (تويودا) أمام الكونجرس للمساءلة مع تقديم الإعتذار لعملاء أكبر مصنع سيارات فى العالم.
ومن جانبه قال وزير النقل الأمريكى راى لاهود فى تصريح له مؤخرا عن حالة سيارات تويوتا التى سحبت "إن جميع سيارات تويوتا التي سُحبت في الولايات المتحدة غير سليمة"، ويكفى هذا التصريح لوضوع شركة تويوتا فى وضع حرج أمريكيا وعالميا ويجعلها تحتاج إلى الكثير من الوقت لإعادة وضعها وثقة المستهلكين فيها بالرغم من مثول رئيس شركة تويوتا.
وبالرغم من إشادة راى لاهود بموقف الشركة عندما قال: "إن مثول رئيس تويوتا أمام لجنة الكونجرس يدل على أن أكبر شركة صناعة سيارات في العالم لم تعد تتغاضى عن الشكاوى والمخاوف المتعلقة بسلامة سياراتها".
وعلى الرغم من أن المستهلكين فى أغلب دول العالم قد باركو اعتذار تويوتا بإحترامهم للشركة، إلا أن مبيعات الشركة تأثرت كثيرا عالميا.
ولم تتوقف عملية كشف الأوراق الخاصة بالعيوب الخاصة بالسيارات عند تويوتا فقد.. بل امتدت إلى باقى السيارات الأسيوية الاخرى مثل "هوندا" و"سوزوكي" ليتوقف القطار السريع للسيارات اليابانية ثم القطار الكورى "هيونداي".
كل هذا يصب بيعيا فى مصلحه جنرال موتورز التى تتراكم لديها سيارات أعلى من القدرة التسويقية فى السوق، ولم يكن يستوعبها فى فترة الأزمة العالمية ليتحقق للشركة الأمريكية هدفين الأول:تصريف المخزون وتحقيق أعلى رقم في المبيعات فى عام 2010.
والهدف الثانى: إستعادة مقدمة العالم من جديد وعودة إمبراطورية "جنرال موتورز".
وبهذا تعود أموال الحكومة الأمريكية بأسرع وقت من جديد للخزانة الأمريكية بعد إهتزاز الثقة فى السيارات المنافسة داخل السوق الأمريكيى والعالمى، في الوقت الذى ينشد فيه العالم عودة الإنتعاشة الإقتصادية فى هذا العام بعد كساد كاد أن يفتك بالعالم الصناعي.
أما أصحاب الرأى أن الحظ والقدر جاء فى صالح الأمريكان فى بداية هذا العام بكشف العيوب فى السيارات اليابانية، فرأو أن هذا القدر قد ساعد بالفعل أولاد العم سام للخروج من المأزق ونحن فى بداية الإنتعاشة الإقتصادية ووجه ضربة للسيارات المتنافسة تحتاج فيها إلى نحو العام للقيام من أثار هذه الأزمة.
ووقتها ستكون الكلمة العليا في السوق الأميريكة والعالم لجنرال موتورز وتملأ الخزانه الأمريكية بأموال المستهلكين من جديد.