عالم التواصل الافتراضى ...َوحدة أم فرقة ؟؟
=-=-=
إذا كنا نعيش اليوم فى عصر يموج بالتغييرات والتطورات المختلفة والمتنوعة وفى مقدمتها الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنت ) , والتى فتحت قنوات جديدة للاتصال بين جموع البشر فى شتى الأماكن , وأصبح العالم الالكترونى الافتراضى يؤثر على كل ما هو واقعى و حقيقي , وأصبح بإمكان البشر التواصل والتفاعل بمختلف اللهجات واللغات و مختلف الاوقات والأماكن .
ومع هذا التطور الرقمى بات من الضرورى أن ندرك أن لهذه التغييرات والتطورات آثارها على الأسرة النووية تحديدا , فثورة الاتصالات بصورها المختلفة أحدثت تغييرات قيميه و اجتماعية فى بناء الأسرة , فوجود أدوات متنوعة للاتصالات داخل الأسرة ( التلفاز – الانترنت –الآيباد – المحمول G3 وغيرها) ساهمت فى غياب الحوار الأسرى ومتطلباته ,وتغيير نمط الحياة الاسرية العربية فنجد غياب اللقاءات الأسرية التقليدية مثل التجمع حول مائدة الطعام أو الخروج للتنزه معا نتيجة لانشغال كل فرد عن الآخر , كما ساهم وجود المحمول الشخصى بتقنياته المذهلة أو الآيباد داخل الاسرة فى جعل كل فرد من أفرادها يكون لنفسه عالما خاصا به بمعزل عن الباقى , وأصبحت الصداقات والعلاقات الافتراضية عبر شبكات التواصل الاجتماعى تحتل مكانه أكبر من العلاقات المباشرة والواقعية , والدليل على ذلك حالة الاكتئاب والتوتر التى يصاب بها بعض الأبناء فى حالة انقطاع الانترنت من هنا ندرك حجم وأهمية بل وخطورة هذه العلاقات الافتراضية بالنسبة لأفراد الأسرة والأبناء تحديدا.
على الجانب الآخر نجد أن مواقع التواصل الاجتماعى ساهمت بشكل كبير فى تشكيل الثقافات الفرعية الخاصة ببعض الفئات والأعمار , وفتحت نوافذ جديدة تتيح أمام الفرد التنفيس عن همومه والتعبير عن طموحاته بكافة الاشكال و اللغات , وجعلته يتعرف على الآخر ، وكيف يواجه مشاكله اليوميه , وفتحت أمامه نافذة إعلامية يطل من خلالها على العالم بأسره ويلتقى بكبار الشخصيات العامة من الاباء والمفكرين من الجنسيات كافة , ويتناقش معهم ويبدى رأيه فى اطروحاتهم كل ذلك شكل اضافة لأجيال جديدة تعيش فى عالم الاضداد أو المتناقضات , ومن ثم نجد البشر متفاوتين ومتنافرين يجمعهم عالم افتراضى , و يفرقهم عالم الواقع .
وهنا تأتي مجموعة من الأسئلة التي تقول :
= هل عجزنا عن صنع أجواء تشجع على الحوار والنقاش المباشر؟
= هل عجزنا عن تفهم حقيقة أدوارنا ومسؤوليتنا تجاه بعضنا على أرض الواقع ؟ = هل شغلتنا الحياة المادية وجعلتنا نتسابق مع الزمن من أجل العيش فى عالم الاستهلاك ؟
= هل بقى أمامنا فرصة للتأمل والتفكير ومن ثم اتخاذ القرار فى إعادة البناء؟
الدكتورة / غادة حمزة الشربينى
أستاذة أصول التربية المساعد بكليتى الآداب والتربية
للبنات بأبها جامعة الملك خالد.