الأعراس التونسية التقليدية ترسيخ لعادات وتقاليد الاباء والاجداد
يرسخ التونسيون مفهوم احترام عادات وتقاليد الاباء والاجداد من خلال تمسكهم باقامة اعراسهم وفق الطقوس التقليدية القديمة. تتمسك العروس التونسية بلباس عرسها التقليدي،" ويختلف في بعض الجزئيات الطفيفة من منطقة الى اخرى " حسب قول الباحث التونسي في شؤون المحافظة على التراث يوسف الميزني الى وكالة الانباء الاردنية ( بترا)، الذي يؤكد حرص العريس على ارتداء البرنس والجبة.
تقف العروس وهي مزينة بالقطع الذهبية التقليدية المكونة من قلادة ذهبية وعقد ذهبي تقليدي يطلق عليه (التليلة) والخلخال الذهبي الذي يزين ساقيها.
وتقوم النساء بتزيين العروس بنقش وشم الحناء وهو ما يعرف في تونس باسم ( الحرقوس ) على يديها وقدميها كنوع من التقليد والزينة التي تميزها وشقيقاتها وقريباتها وصديقاتها تعبيرا عن الفرح،"ويعتبر هذا طقسا من طقوس العرس التونسي التقليدي " حسب ما تقول ام العروس خديجة.
وتلف المكان غيمة كثيفة من الدخان جراء البخور الذي يحرص اهل العروسين على حرقه لطرد الحسد.
تعتبر السلة ( قفة) العروس التونسية التي يقدمها العريس هدية لعروسه قبل حلول يوم الزفاف اهم ما يميز طقوس الزواج حيث تحتوي على مواد الزينة، والحنة، والبخور بأنواعه، والسواك، والكحل، والعطر والحلوى والفستق واللوز،وأدوات التجميل، "ولا يعرف محتواها غير العروسين والمقربين جدا منهما حسب قول العروس.
وبعد ان تنتهي العروس من المباركة في الصحن وهو المقام الذي يشيد حول قبر احد الاولياء في ضاحية سيدي بو سعيد، تقف بانتظار الزفة التي تقودها فرق الاناشيد الدينية الشعبية التقليدية التي تدعى بالسلامية وهي عبارة عن
أغان صوفية ومدائح حسب قول ضارب الدف عثمان سالم.
وتشكل فرق الاناشيد ( السلامية) عنصرا مهما في الأعراس، ويعتبر عبد المجيد بن سعد رائد ومطور هذا الفن الغنائي الصوفي منذ الخمسينات حيث كان يسمى ( حضرة أو عيساوية أو تيجانية أو شادلية ) فجمعها باسم السلامية.
وتنشد الفرقة اناشيدها على صوت الطبول والدفوف حيث تقول العروس انمار انها تجد في زفة السلامية نوعا من المباركة.
وعلى مقربة من صحن سيدي شبعان يوجد مقهى اطلق عليه اسمه والذي ما زال العشرات يحضرون لقراءة الفاتحة على روحه ويضيئون الشموع لهذا الولي.
ويحرص اهل العروسين على الذهاب الى المقهى لاحتساء العصائر والمشروبات الساخنة بانتظار زفة العروس التي تقودها الفرقة.
مازال التونسيون يتمسكون بعاداتهم الاصيلة في الاعراس لا يأبهون بكل مظاهر العصر الجديدة مستوحين ذلك من روح الاماكن الراسخة في اركان المدن والقرى التونسية
حافظت حفلات الزواج في تونس على طقوسها التي يرجع تاريخها لآلاف السنين، وقد لعبت المرأة دورا كبيرا في ذلك، حيث تناقلت النساء عن أمهاتهن وجداتهن أهازيج الأفراح، وكل ما يرافق الاحتفال بالزفاف من أزياء خاصة، وأساليب الزينة، والتقاليد التي ترافق هذه المناسبة السعيدة.
* الوطية
من بين هذه العادات وأكثرها شيوعا ليلة "الوطية" وتقام الوطية قبل العرس بثلاثة أيام لحنة العروس، وهي ليلة خاصة بها وصديقاتها، تتطلب لبس أزياء تقليدية مطرزة باهظة الثمن في الغالب، ولذلك تضطر المقبلات على الزواج لاستئجارها لليلة واحدة. وتحيي ليلة الوطية عادة فرق غنائية نسائية ترافق العروس أثناء خروجها أمام المضيفات مغمضة العينين، أو واضعة على وجهها منديلا من حرير مرة أخرى، وغالبا ما تكون كلمات أغاني حفلات الزفاف مؤثرة لأنها تتضمن صورا شعبية تعبر عن وداع العروس لبيت أهلها، واستعدادها لدخول مرحلة جديدة من حياتها في بيت الزوجية.
* العرس البدوي
رغم تقارب العادات والتقاليد ومواسم الأفراح في أغلب بوادي تونس إلا أن كل
جهة منها تكاد تختص بميزات ومراسم وصفات شهيرة. فالأعراس في بادية الجنوب التونسي مناسبة متجددة للاحتفال والكرم.. إذ لا يكاد الزائر ينزل بينهم إلا ويجد نفسه محاطا بهالة من التقدير.. وتقام مآدب الكسكسى في "قصاع"
كبيرة مزينة بالخضر والفلفل واللحم الطري والذي يكون في الغالب لحم خروف ولكنه يصبح لحم ماعز كلما أوغلنا في تخوم الصحراء كما يقدم في هذه المآدب الشاي الأخضر وعصير "اللاقمي" وهو رحيق يشتق من جذع النخيل.
وهكذا يعيش الجميع بين أهالي العرس وضيوفهم مستمعين إلى نغمات الناي أو دقات الطبول.. إنه العرس أو "الفرح" كما يطلقون عليه هناك وفيه يجوز لبنات الديار الظهور أمام الناس مضمخات الأيدي والأرجل بالحناء و"الحرقوس".
بيت العروس يكون طيلة أيام الاحتفال بذمة صباياها أو وصيفاتها. وفي بعض الجهات تقوم كل واحدة منهن برقصة تطلق أثناءها شعرها بعد أن تدهنه بالزيت وعلى دقات الدفوف ترقص رقصة وهي مرسلة شعرها وتسمى "النخان".
أما ليلة "الدخلة" بالنسبة للعروس والعريس فتأخذ في الغالب مظهرا صاخبا.. إذ يركب العريس فرسا بعد أن يرتدي "برنسا" يخفي به وجهه ويربط رأسه بشال أو عقال وينطلق ركبه من مقام مسجد أو زاوية ويسير بين جماعة "العراسة" وهم أقرانه وخلانه - وفي بعض المناطق الأخرى بالجنوب التونسي يسير محاطا بجماعات من نساء الواحة الهازجات- بينما ينشد الشبان والرجال الأوراد الدينية حتى إذا ما وصل إلى داره نزل حاملا لعصا جميلة مختمة ومحناة بالحناء تسمى "البقيرة".. وهناك يدخل بيته أين يجد امرأتين محجبتين أحداهما زوجته والأخرى قريبة له.. ومطلوب منه هنا أن يتعرف على زوجته بالفطنة والفراسة فيضرب بعصاه المرأة الأخرى ضربات لطيفة. فتصيح المرأة أثناءها "خالتك، خالتك" وتكشف عن وجهها فيمد لها مبلغا من المال وتتولى بدورها ملاطفة زوجته لتكشف عن وجهها. وعندئذ يقدم الهدايا عربونا على جميلها في كشف وجهها ويسمون ذلك "حلال الغنبوز" (رفع الحجاب) أما العروس فتتولى تخضيب العصا المختمة بالحناء مرة أخرى وتلفها بأجمل ما عندها من تقاريط (الشال) وكل ذلك لعله كناية عن استجابة العروس وقبولها الطاعة لبعلها والانسجام والخضوع لأوامره.
* عرس الجنوب
تتميز مراسم الزواج لدى أهل الجنوب التونسي بطابعها البربري والصحراوي.
وتبدأ الاستعدادات للزواج في اليوم الذي ينقل فيه "جهاز العروس" إلى بيت زوجها ويسمى ذلك اليوم بيوم "العطرية". في اليوم نفسه تذهب العروس صحبة بعض صبايا الحي إلى الحمام، وعند خروجهن من المنزل ينطلقن في ترديد بعض الأغاني على إيقاع بعض النقريات "كالدربوكة" إلى أن يصلن إلى الحمام (التركي) عندها تكشف العروس عن وجهها الذي كان يسدل عليه لحاف طوال الطريق كي لا تظهر للمارة. بعد الاستحمام تعود العروس أدراجها بصحبة "صديقاتها" إلى منزلها ويجلسن لتبادل أطراف الحديث، إلى حين قدوم "العدل" (المأذون) و توقع العروس على وثيقة عقد القران عند خروج "العدل" تندفع وراءه الصبايا على أمل أن يتزوجن في القريب العاجل. وهذه عادة لا تزال موجودة إلى الآن وتتبرك بها الصبايا.
بعد صلاة العصر يخرج "المحفل" من دار العريس على أنغام الطبل والمزمار مصحوبا بسيارة محملة ببعض المواد الغذائية والخرفان وبعض المستلزمات الخاصة بالعروس "الحنة، مواد التجميل، أحذية، ملابس وحلويات" ويقوم المحفل بجولة قصيرة عبر أحياء المدينة، وحال الوصول إلى دار العروس تدخل النسوة إلى المنزل ويبقى الرجال والطبال خارجه وتكون ضمن النسوة امرأة مسنة تتكفل بفتح "قفة العطرية" التي تحوي "البخور" وعلكة "اللوبان" و"مرآة" صغيرة تسلمها هذه العجوز إلى العروس في جو مليء بالتصفيق والزغاريد.
* يوم "المرواح"
"ليلة الدخلة" تسمى أيضا يوم "المرواح" (يوم الذهاب إلى بيت الزوجية) وفيه ينهض العريس في الصباح الباكر ويذهب إلى "الحمام التركي" بصحبة أصدقائه وبعض الجيران وعلى رأسهم "الوزير" وهو المكلف بكل صغيرة وكبيرة تخص العريس. يستحم العريس ويغادر الحمام في اتجاه مكان التقاء "الحجابة" (المكان الذي يحتجب فيه العريس) وعند منتصف النهار تقرع الطبول من جديد ويأتي المدعوون "للبوس" (ارتداء العريس للباس) وبعد الأكل والشرب يرتدي العريس زيه وهناك من العرسان من يفضل ارتداء اللباس العربي التقليدي (الجبة والفرملة والسروال العربي) على اللباس العصري .
أما بالنسبة للعروس فهذا اليوم يسمى يوم "الفتول" حيث تلبس جبة تقليدية نصفها أحمر والنصف الآخر أخضر وتجلس فوق طاولة وسط جمع غفير من النسوة.
وبعد صلاة العصر تقف العروس بمساعدة امرأتين فتقومان بتسريح شعرها وسكب العطور الطيبة عليه ثم يقمن بلفها سبع لفات وهي تخفي وجهها بيدها، وعيناها تذرفان دموع الفرح المزدوجة بدموع فراق أهلها وذويها والبيت الذي نشأت وترعرعت فيه، وهذا المشهد تتأثر له كل الحاضرات وبعد ذلك يقع تجميلها وفي المساء يأتي أهل العريس على متن السيارات لتنتقل العروس معهم إلى بيتها الجديد وهذه الليلة تسمى ليلة "المرواح" وعلى أنغام البردة وذكر الله يدخل العريس على عروسه مودعا أصحابه في جو من المزاح وفي صبيحة اليوم التالي تعتلي العروس منصة لتشاهدها النسوة القادمات للتهنئة وكذلك للفرجة على البيت الجديد.
* يوم "الحزوم"
تتواصل الاحتفالات إلى اليوم الثالث للعروس في بيت زوجها يسمى هذا اليوم
"الحزوم". في الظهيرة ترتدي العروس "الحرام الجريدي" (ملاءة حريرية منسوجة باليد يختص بها أهل الجريد) ثم يأتي العريس بباقة ورد يقدمها لعروسه كعربون محبة وود ووفاء ثم يراقصها على أنغام "المزود" (فن شعبي) وسط هالة من التصفيق وزغاريد المدعوات. وبعد سبعة أيام تذهب العروس بصحبة زوجها إلى بيت أهلها (وهذا اليوم يسمى نهار السابع) منذ الصباح الباكر حيث تجد أقاربها في انتظارها في شوق.
* عرس صفاقس
لا يمكن الحديث عن عرس في مدينة صفاقس، دون الوقوف عند عادة شهيرة تحرص كل العائلات الصفاقسية على ممارستها حتى في أفخم الفنادق. وتتمثل هذه العادة في قيام العروسين بالقفز على السمك أو "قفزة الحوت"، حيث يتم إحضار سمكة كبيرة الحجم وتكون عادة من نوع "المناني" تزين بالشرائط الملونة وتوضع أمام العروسين في طبق وتقوم العروس بالقيام بسبع خطوات فوق السمكة وعريسها ممسك بيدها، ثم يقوم هو بنفس الشيء. والمغزى من هذه العادة حسب أهالي صفاقس هي طرد العين والحسد وحماية العروسين وترافق "قفزة الحوت" أغنية معروفة يحفظها كل الأهالي، يقول مطلعها "نقفز على الحوت والحنة والحرقوس كالتوت".
وما يميز أعراس أهل صفاقس أيضا هو "المارشة" وهي بمثابة نشيد رسمي يتم عزفه للعروسين عندما يهمان بدخول القاعة.
أما أهم ما يميز أعراس جزيرة قرقنة القريبة من صفاقس فهي حفلات الزواج
التي تبدأ في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل وتنتهي مع الفجر، وذلك رغم
مجهود فرق مكافحة الضجيج.
كما تشتهر الحفلات القرقنية بظاهرة "رمي النقود" وهي عبارة عن مساهمات من الأصدقاء والأقارب لإعانة العريس ولا يمكن أن يكون عرسا قرقنيا إذا لم تكن الزكرة حاضرة. وظاهرة (الزفانة) وهي تلبية طلب كل مدعو في عزف الأغنية التي يريدها، حيث يمكن الاستماع في تلك الليلة إلى أم كلثوم أو لعبد
الوهاب على أنغام الذاكرة.