الجسر إلى التعليم: طرق تكوين جديدة لتشجيع تعليم النساء
يعتبر تعلم قواعد اللغة العربية الفصحى من أكبر التحديات التي يواجهها متعلمو هذه اللغة. ذلك أن اللغة العربية تكاد تعتبر لغة أجنية حتى للعديد من المتحدثين بها في العالم العربي، خاصة في المغرب حيث اللهجة المغربية، التي تعرف تحت اسم "الدارجة"، تختلف لدرجة لا بأس بها عن العربية الفصحى وحيث العديد من السكان يتحدثون اللغات الأمازيغية، التي تختلف بدورها تماما عن اللغة العربية. لهذا، يمكننا أن نقول أن النسب العليا للانقطاع عن دروس محو الأمية في المغرب تعود إلى الصعوبات التي يواجهها الأشخاص الذين لم يسبق لهم التمدرس عند تعلمهم كيفية قراءة لغة غريبة عنهم.
ولمعالجة هذا المشكل، قامت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، إلى جانب كتابة الدولة المكلفة بمحاربة الأمية و التربية غير النظامية بإعداد وتنفيذ مناهج تدريس من شأنها تسهيل مقاربة محو الأمية في اللغة الفصحى. وقد عملت كل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والسلطات المغربية على إعداد برنامج "جسر" جديد يعتمد على تدريس النساء كيفية قراءة وكتابة الحروف العربية باستعمال لهجتهن الأصلية ثم استعمال القدرات التي اكتسبنها في حصص تعليم اللغة العربية الفصحى التي تعتبر اللغة الرسمية الوطنية و لغة الدين.
بتعلمهن كيفية استعمال الحروف العربية في اللهجة التي يستعملنها، أصبحت النساء أكثر ثقة وارتياحا في المشاركة في الفصل ، فأصبحن يحضرن الدروس بانتظام كما أصبحن يتعلمن بسرعة و يحققن درجة عليا من النجاح والرضا. نادرا ما تتغيب النساء عن حصص التعليم التي يوفرها برنامج "جسر" ، بخلاف البرامج التي أعدتها كتابة الدولة المكلفة بمحاربة الأمية والتربية غير النظامية. فبالجمع بين التعبير الشفوي والمشاركة الفعالة إلى جانب التعليم التقليدي، تمكن برنامج الوكالة الأمريكية للتمية الدولية والسلطات المغربية من تسجيل نسب حضور واستذكار تفوق 90% من المجموعة الرائدة التي تضم 400 امرأة من الأقاليم الستة عشر المستهدفة. ومن خلال تقييم أولي، تبين أن النساء اللواتي أتممن برنامج جسر الذي يمتد على 60 ساعة تمكنن من تحصيل مستوى تعليمي يفوق ما وصلت إليه النساء اللواتي اتبعن برامج بعد مرور ما يقارب ضعف مدة البرنامج الرسمي.
إضافة إلى برنامج محو الأمية، يركز برنامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية على تدريس النساء مدونة الأسرة المغربية ومساعدتهن على استعمال المدونة في تحسين مستوى عيشهن وعيش عائلاتهن. وفي تعليق حول جانب التحسيس من برنامج محو الأمية، تقول إحدى النساء: "لم أكن مع وضعية النساء التي يوفرها القانون الجديد لأنني بكل بساطة لم أكن أعرف ما ينص عليه القانون وكيف يعمل على تحسين وضعيتنا. أما الآن، فأعتقد أنه على كل امرأة أن تكون على علم بمحتوى المدونة."
كما هو الحال في البرنامج النموذجي الذي توفره كتابة الدولة المكلفة بمحاربة الأمية والتربية غير النظامية، تعمل المنظمات غير الحكومية المحلية على إعطاء دروس لمحو الأمية. فقد ساعد المجتمع المدني إلى جانب سلطات كتابة الدولة المكلفة بمحاربة الأمية والتربية غير النظامية على إعداد محتوى ومنهج برنامج "جسر". و يتفق جميع الأطراف في هذا البرنامج أن هذه المقاربة التجديدية قد عملت على إفادة النساء المهمشات من التكوين المهني.