بعيداً عن صخب المدنية وضوضائها وزحام المدن الذي بات يمثل عبئاً يثقل كاهل سكانها تقع واحة سيوة برمالها البيضاء الناعمة، وأشجار زيتونها الخضراء، ونخيل بلحها العزيز، وعيونها الصافية وهدوئها الذي يحتويك بمجرد وصولك اليها، كبقعة هادئة في قلب صحراء مصر الغربية.
ويزيد من تميزها عن غيرها من واحات مصر موقعها النائي وعادات أهلها وتقاليدهم المختلفة ولغتهم الخاصة بهم، وجميعها عوامل زادت من انجذاب السياح اليها وجعل روادها ينسجون حولها العديد من القصص والأساطير التي يحاول البعض إثباتها ويحاول آخرون نفيها، ولعل من أشهر تلك الأساطير ما يروج له البعض عن وجود قبر الاسكندر الأكبر في مكان مجهول على أرض الواحة وهو الأمر الذي لم تثبت صحته حتى الآن.
وتشتهر واحة سيوة بالبحيرات الصغيرة والعيون التي تختلف درجة عذوبة مياهها، وتربطها بمدينة السلوم ومرسى مطروح الطرق الصحراوية المعبدة، وقد أسماها الفراعنة "واحة آمون"، نسبة إلى الإله آمون أشهر آلهة المصريين القدماء الذي بنى له كهنته معبداً كبيراً في الواحة عرف باسم "معبد الوحي"، وفيما بعد صنع الناس إلها آخر سمي سيوة ومن هنا عرفت الواحة بهذا الاسم.
وقد أطلق العرب عليها اسم "سنترية"، ويذكر المؤرخون أن أول من سكن سيوة وقامت بتعميرها قبيلة كانت تسمى أخميم، حيث قام أهلها ببناء المنازل بأشكال عدة، فكان منها ما هو مخصص لكبار رجال القبيلة ومنها ما هو مخصص لفئة المهندسين الذين اشتركوا في بناء المدينة وشكل آخر للعامة، وقد تكرر أسلوب البناء على هذا النحو فنحت السكان أحياءهم السكنية فوق الجبال المرتفعة.
وخلال العشرين عاماً الماضية قفزت واحة سيوة إلى قمة المزارات السياحية المصرية خاصة بالنسبة لمحبي الهدوء والطبيعة الساحرة إضافة إلى الباحثين عن العلاج الطبيعي، فزادت أعداد المطاعم والمقاهي والنزل بها، كما تم إدراجها على قائمة رحلات الطيران الداخلية عبر ثلاث رحلات أسبوعياً، كما تم تزويدها بكل الخدمات الصحية ووسائل الاتصال والمواصلات التي يحتاجها الزوار.
ويعتبر جبل الموتى من أهم المعالم السياحية في واحة سيوة ويقع على بعد كيلومتر تقريباً من البلدة، وهو عبارة عن تل مخروطي الشكل يبلغ ارتفاعه نحو 50 متراً، وهو ذو تربة جيرية، وتوجد به من أسفله إلى أعلاه مقابر للموتى على شكل خلية نحل منحوتة في الحجر على شكل صفوف منتظمة وطبقات متتالية.
والمقبرة عبارة عن دهليز مستطيل ينتهي إلى فناء متسع مربع الشكل تتفرع منه فتحات لوضع الموتى، ويتم النزول إلى المقابر بسلم، وإلى جانب جبل الموتى، يوجد في واحة سيوة جبل شهير آخر يسمى بجبل الدكرور ويقع في الجنوب الشرقي من واحة سيوة، يقيم الأهالي عنده احتفالاً سنوياً في شهر أكتوبر من كل عام بعد موسم الحصاد ويستمر الاحتفال ثلاثة أيام ويشارك فيه أهالي الواحة كلهم، وقد اشتهر الجبل في الواحة بوجود عدد من الشيوخ المتخصصين في علاج الأمراض الروماتيزمية المستعصية، ويعتمدون في طريقة علاجهم على طمر الجسم بأكمله في الرمال الساخنة لفترات تتراوح بين الربع والنصف ساعة يومياً على مدى أسبوعين متواصلين من شهور فصل الصيف في ساعات محددة من النهار، وقد ذاع صيت جبل الدكرور كمركز علاجي بين السياح العرب والأجانب على حد سواء، كما تشتهر واحة سيوة بعيونها المائية القادرة على العلاج من بعض الأمراض مثل الصدفية والأمراض الروماتيزمية وأمراض الجهاز الهضمي.
ومن أشهر تلك العيون وأهمها بئر كيغار التي تبلغ درجة حرارة مياهها 67 درجة مئوية، وقد ثبت عند تحليل مياه البئر احتواء الماء على العديد من العناصر الكبريتية والمعدنية كتلك الموجودة في العيون المعدنية بمنطقة كارلو فيفاري التشيكية الشهيرة التي يقصدها السائحون من شتى بقاع الأرض كمنتجع للعلاج الطبيعي.
__________________